قراءة تاريخ الإسلام السياسى فى مصر وفهمه واستيعابه وتحليله صار فرض عين، خاصة فى ظل هذه الظروف التى نعيشها والخلط العقلى والفكرى والسياسى الذى يلفّنا بضبابه الكثيف، وكل كتاب يصدر عن موضوع الإسلام السياسى هو إضافة مهمة للعقل المصرى، من هنا تنبع أهمية كتاب «الجماعات الإسلامية من تانى» للصحفى الشاب «السيد الحرانى» الذى بذل جهداً واضحاً فى قراءة تاريخ هذه الجماعة الغامض، والذى أتمنى منه طبعة ثانية مزودة بوثائق ومصادر أكثر.

الكتاب يتتبع تاريخ الجماعة الإسلامية منذ نشأتها 1964 كفكرة على يد بعض الطلبة، تفاصيل الكتاب كثيرة ومتشعبة يجب قراءتها، ولكن أهم لقطة فى الكتاب لها دلالة هى حادثة اقتحام الفنية العسكرية 1974 والتى سقط فيها ثلاثة عشر قتيلاً، وكانت بداية لسلسلة من المواجهات الدامية بين السلطة وجماعات الإسلام السياسى خاصة الجهاد والجماعة الإسلامية، السؤال الرئيسى الذى يفرض نفسه: لماذا مصر هى أكبر هدف لجماعات الإسلام السياسى؟ هذا السؤال منبعه «صالح سرية» زعيم التنظيم الذى اقتحم الكلية، هو فلسطينى عراقى لا ينتمى لمصر على الإطلاق، مصر بالنسبة له وظيفة بالصدفة فى جامعة الدول العربية، شخص ينتمى إلى تنظيم «إخوان مسلمين» العراق، لماذا فكر هذا الشخص فى مصر بالذات؟ لماذا خطط هذه الخطة الجهنمية التى جنّد فيها، ولأول مرة طلبة من داخل الكلية تعلموا الضبط والربط والانتماء للمؤسسة العسكرية، لماذا لم تفجر أو تقتحم فى العراق يا أستاذ صالح؟ لماذا لم تنفذ عملياتك القتالية الانتحارية فى فلسطين نفسها؟ سؤال فرض نفسه وفكرت فيه كثيراً، لماذا مصر دائماً هى الثمرة التى تنتظر كل جماعات الإسلام السياسى سقوطها؟ لماذا مصر هى اللذة المحرمة والغواية المراوغة التى تداعب خيال كل من ينتمى إلى تنظيمات جهادية تتحدث باسم الإسلام حتى ولو كانت فى بلاد السند والهند والإسكيمو؟!

عندما تقرأ وثيقة صالح التى وقعها باسم صالح سرية رئيس الجمهورية!! سيصيبك الفزع، وستعرف ماذا تعنى مصر لأصحاب الفكر المتطرف؟ إنها الفريسة السمينة لذيذة اللحم والطعم، حتى أشلاؤها كنز ثمين! يقول سرية:

· من مات دفاعاً عن حكومة كافرة فهو كافر.

· من اشترك فى حزب غير إسلامى كافر.

· فى حالة وجود مرشح إسلامى وانتخب الفرد غيره فهو كافر.

· تحية العلم والسلام الجمهورى من طقوس الجاهلية.

· من يقف ضد من قاموا لإقامة الدولة الإسلامية كافر.

· من اشترك فى حزب غير إسلامى فهو كافر.

· يجوز للمسلم أن يستغل منصبه لمساعدة الجماعة للحصول على السلطة.

الحقيقة التى أزفّها إليكم هى أن صالح سرية أُعدم ولكنه لم يمت!